الساعة منتصف الليل
في مكان يعج بالناس و الضجيج والصراخ واصوات سيارات الاسعاف
مستشفى ."..."وتحديدا في قسم المستعجلات اين تنجو و تموت العديد من الارواح هذا قد ضرب بسكين هذا قد فقد يده في حادث او معركة هذان تعاركان واحدهما فتح بطن الثاني بسكين او طعنه مبعثرا تضاريس وجهه
جميع افراد هذا القسم قد أصبحت بالنسبة اليهم هذه المشاهد شبه عادية فهي تكرر يوميا
دخل مكتبه هاربا من كل تلك الاصوات و اخرج هاتفه متصلا بها
- مرحبا آنسة صفاء أرى انك اتصلت بي قبل قليل لقد كنت مشغولا هل كل شيء على مايرام ؟
رفع حاجبه باستنكار
- ماذا لا آنسة صفاء يجب ان تكوني حازمة معها وقت الدواء هو وقت الدواء و بعد ذلك الخلود الى النوم
يا آنسة هذا هو الحل الوحيد الآنسة مريم كانت لطيفة معها وانظري ما نتج عن لطفها ، ماذا اكلمها أنا لو كنت استطيع ان اكون حازما معها لما احظرتك للاعتناء بها فهي تعلم ان بكاءها نقطة ضعفي
سمع ذلك الصوت الرقيق جانب الآنسة صفاء يبكي ويصرخ طالبا منها ان تناول صاحبته الهاتف
تأفف وقال بقلة حيلة
- لابأس آنسة ناوليها الهاتف
- بابا
ما ان سمع صوتها المبحوح من شدة البكاء حتى شعر بأنه يموت للمرة الالف كما قال للانسة دموعها نقطة ضعفه بل دموعها تطرحه صريعا في رقتها وجمالها وبراءتها وعفويتها نسخة مصغرة من أمها اخدت قلبه برحيلها تاركة له تلك الملاك البريئة التي لم تعرف معنى للبكاء والالم الا بعد رحيلها قال لها بعد ان استطاع كبث الدموع التي ملأت مقلتيه
- نعم حبيبتي مالذي يحزنك لما ترفضين شرب الدواء والنوم
هاهي تقتله ثانية ببكائها حاول ان يفهم مابها بتركيزه على كلماتها التي اختلطت ببكائها يا للمسكينة هي تريده هو تريده ان ينام بجانبها ليحظنها لا تريد الآنسة صفاء و لامريم ولا سابقتيهما تريده هو
ضغط على نفسه وحاول ان يشرح لها تلك الاسطوانة التي غناها لها مليون مرة
- شوق مالذي قلناه حبيبتي تعلمين ان بابا طبيب و الطبيب انسان يعيش و يشتغل لينقذ عدة ارواح و هناك ارواح تحتاج لانقاذ في الليل و اذا كنت انا الآن نائما بجانب شوشو من سينقذ هؤلاء الناس هل نتركهم يموتون
يعلم الان جوابها هي رقيقة و حساسة ولن ترضى ان تكون السبب في موت احد ما ستسمع كلامه وتشرب دوائها وتخلد للنوم لكن في الغد ستنسى بسرعة وتعيد نفس الدراما هؤلاء هم الأطفال ينسون بسرعة
ظل صامتا يفكر بردة فعلها ويبتسم بألم وأخيرا اجابته وهي تمسك شهقاتها
- حسنا بابا هذه المرة فقط وفي المرة القادمة فلينقذه عمي سامر
ابتسم على برائتها جيد انه غدا لن يناوب و هو دور صديقه الدكتور سامر في المداومة
اجابها
- حسنا حبيبتي اعدك ان بابا سيأخدك غدا لمدينة الملاهي وسيشتري لك مثلجات ثم سينام معك في فراشك وسيحظن دبدوبك الجديد
تحولت كل تلك الشهقات الى ضحكات وحماس
- حقا هل ستعانق بيري
ابتسم بحنان
- ساعانق اي شيء تحبه اميرتي هل انت راضية الآن
اجابته بضحكة رنانة
- اجل اجل يا احلى بابا
تنفس اخيرا الصعداء فقد استطاع انقاذ الموقف ما اجمل الأطفال فقط وعود بسيطة تفرحهم
- هيا حبيبتي يجب ان اكمل عملي ناويليني السماعة بعد قبلة بابا الليلية
قبلت السماعة قبلة رقيقة تظهر رضاها ثم ناولته الانسة صفاء التي اوصاها بالاعتناء بها
وضع هاتفه في جيب وزرته البيضاء
ثم جلس يمسح دموعه الساخنة التي تدحرجت من عينيه قال بالم
- مكانك اصبح فارغا وموحشا منذ ان رحلت يا عزيزتي
سمع طرقات قوية على باب مكتبه وصوت الممرضة ينادي
- دكتور نادر دكتور نادر
مسح دموعه بسرعة لا احد يجب ان يعرف ان الدكتور نادر الحازم وقوي الشخصية هو انسان يبكي ويحزن ايضا
فتح الباب بسرعة ثم استفسر الممرضة عن الأمر العاجل الذي جعلها تناديه
- انها حالة مستعجلة امرأة في منتصف العشرينيات وجودها مرمية من فوق الجرف وقد قام الطبيب المقيم بفحصها وهو يشك انها حالة اجهاض اجباري كما انه يشك انها تعاني من كسر في الجمجمة و جميع الطاقم الطبي ينتظرك من اجل الموافقة او تصحيح نتيجة الفحوصات
نظر اليها وهو يكتم غيضه فقد سئم من هؤلاء الناس ممن يسمون زملائه فالمهنة ومن ازهاقهم لأرواح بريئة بدون اي حق
نظر للمريضة بالم وهو يقول
- لست ادري كيف استطاع هذا المجرم قتل فلذة كبده و المخاطرة بحياة هذه المسكينة التي يبدو انها احبته من قلبها
النهاية